في الذكرى الرابعة ل25 يوليوز: تونس تواصل التقهقر إلى الوراء ولا مخرج إلّا بالنّضال

بمناسبة الذكرى الرابعة ل25 يوليوز أصدر حزب العمال بيانا جاء فيه:
في الذكرى الرابعة للانقلاب:
تونس تواصل التقهقر إلى الوراء
ولا مخرج إلّا بالنّضال
تمرّ اليوم أربع سنوات على انقلاب 25 جويلية 2021 الذي استغلّ فيه قيس سعيّد الأزمة الحادّة التي بلغتها البلاد بعد عشر سنوات من حكم مختلف الائتلافات اليمينية الرجعية التي أدارت ظهرها للثورة وواصلت تكريس نفس الخيارات السّابقة التي ثار ضدّها الشعب، للاستيلاء على الحكم وإقصاء خصومه وعلى رأسهم حركة النّهضة والادّعاء بأنّه جاء لـ”تصحيح مسار الثورة” و”مقاومة الفساد والمظالم” و”تحقيق المطالب” التي لم يحقّقها غيره و”إرجاع الحقوق لأصحابها” و”حماية السيادة الوطنيّة” وغير ذلك من الشعارات الرنّانة التي تدغدغ مشاعر النّاس وخاصة المحبطين منهم.
أربع سنوات لم يتحقّق فيها لشعبنا شيء ممّا وُعِدَ به عَدا تصاعد الخطاب الشّعبوي المغالط الذي يزعم الانتصار للوطن والشعب بينما يُكرَّس في الواقع نقيض ذلك. فقد شهدت أوضاع الوطن ومختلف الطبقات والفئات الكادحة والشعبيّة تدهورا مريعا في مختلف المجالات: ارتفاع المديونية والتبعيّة وما ينجم عن ذلك من انهيار مستمرّ للسّيادة الوطنيّة، ارتفاع جنوني للأسعار وافتقاد عدد من المواد الأساسية في الأسواق وندرة البعض الآخر وتردّي الخدمات العامّة (قطع الماء والكهرباء…) واستشراء البطالة والفقر وهجرة الكفاءات و”الحرقة” وتفاقم ظاهرة التفكك الأسري والطلاق والانقطاع المدرسي والأمّيّة والتصحّر الثّقافي علاوة على تفاقم الجريمة بمختلف أشكالها.
أربع سنوات من استفحال ظاهرة الفساد والرّشوة في كافّة المستويات رغم الادعاء بمقاومتها إضافة إلى التّدهور القيمي والأخلاقي وتصاعد خطاب الكراهيّة والتخوين والعنصريّة والشماتة علاوة على تحوّل الكذب والنفاق إلى العملة الأكثر رواجا في المجتمع لتشويه الغير والاعتداء على كرامة النّاس وأعراضهم ممّا عمق مظاهر الفرقة والتمزّق المجتمعي. وفي كلمة فإن حصيلة أربع سنوات من الانقلاب في المستوى الاقتصادي والاجتماعي هي تعمّق تبعية البلاد وتدهور معيشة الشعب كنتيجة حتمية لتواصل تكريس نفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية اللاوطنية واللاشعبية المتوارثة عن عقود من حكم الطبقات االطفيلية العميلة والريعية ما قبل الثورة وبعدها.
أمّا الحصيلة السّياسيّة لأربع سنوات من نظام الانقلاب فلم تكن سوى تكريس منظومة حكم فردي استبدادية، فاشية، معادية للحريات، صفّت أو تكاد مكاسب الثورة الديمقراطية وصحّرت الحياة العامّة وهي تعمل على تدمير مظاهر الانتظام السياسي والنقابي والمدني الشعبي لحساب توجّه شعبوي تخويني يعادي “الأجسام الوسيطة” بهدف حرمان الشعب وفي مقدمته العمال والكادحون من أدوات الدفاع الذاتية وفي مقدمتها التنظّم. وقد حصّن الحكم الفردي نفسه بدستور فاشستي وبمؤسّسات صورية لاحول لها ولا قوة إلا تنفيذ إرادة رأس الانقلاب مثل الحكومة وبرلمان الدمى بغرفتيه، فيما يتواصل تدجين القضاء وتغييب المحكمة الدستورية وتعزيز ترسانة القوانين الفاشية (المرسوم 54…) وملأ السجون بمعتقلي الرأي من سياسيّين وإعلاميّين ومدوّنين ونقابيين ونشطاء اجتماعيين بتهم التآمر والإرهاب وغير ذلك من التهم الجنائية فيما تتصاعد ممارسة التعذيب التي أودت مؤخرا بوفاة مواطنين في مراكز الإيقاف كما في السجون.
وفيما يشتدّ خطاب “السيادة” الديماغوجي، تتوسع مظاهر الخضوع للأجنبي مثل رفض النظر في قانون لتجريم التطبيع مع العدو الصهيوني نتيجة الضغوط الخارجية. كما يتواصل العمل بكلّ الاتفاقيات غير المتكافئة والماسّة بالسيادة سواء كان ذلك مع الاتحاد الأوروبي أو مع الولايات المتحدة الأمريكية ومن بين تلك الاتفاقيات ما هو أمني وعسكري ويفتح الباب للتطبيع مع الكيان النازي كما هو الحال بالنسبة إلى اتفاقية الشراكة الاستراتيجيّة مع الناتو (حليف رئيسي من خارج الناتو). وفي الوقت الذي تهاجم فيه سلطة الانقلاب منظمات المجتمع المدني لحصولها على تمويلات بمقتضى الفصل 2 من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي فإنها تواصل العمل بهذه الاتفاقية لتحصل بدورها على تمويلات وتسهيلات. إنّ السيادة بالنسبة إلى قيس سعيد لا تعني بالمرة سيادة تونس بل سيادة نظامه الفاشي وحمايته من أيّ معارضة أو نقد لانتهاكاته الممنهجة للحريات والحقوق.
إنّ حزب العمال الذي لم يتردد منذ اللحظة الأولى في توصيف ما جرى ليلة 25 جويلية 2021 بكونه انقلابا من داخل منظومة الحكم الرجعية لإنقاذ نظام العمالة والاستغلال بشكل عام عبر تصفية الحريات والعودة بالبلاد إلى مربّع الدكتاتورية وحذّر الشعب التونسي من مخاطر هذا الانقلاب على حاضره ومستقبله:
– يجدد تأكيده بأن الحصيلة الكارثيّة في كافة المجالات لأربع سنوات من الحكم الفردي المطلق لقيس سعيد تبيّن بكل وضوح سلامة موقفه من الانقلاب وأهدافه وأبعاده.
– يعتبر أنّ هذه الحصيلة إذ تفرغ الجمهورية من أبسط مضامينها السياسية والاجتماعية والثقافية فإنها تدفع ببلادنا نحو الانهيار وهو ما يحتّم النّضال لمواجهة هذا الحال وإعادة وضع بلادنا من جديد على سكّة النهوض.
– يؤكّد أن الخلاص الحقيقي يكمن في الجمهورية الديمقراطية الشعبية التي ينجزها الشعب على أنقاض دولة الاستبداد والعمالة.
– يجدّد التزامه بمواصلة التصدّي لكافة مظاهر الاستبداد وانتهاك الحريات والحقوق والمطالبة بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي وإلغاء كافة القوانين والمراسيم القمعية والفاشية وفي مقدمتها المرسوم 54.
– يقف في صفّ النضالات الشعبية من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وينخرط فيها من أجل مراكمة القوى على طريق التخلص من منظومة الاستبداد والعمالة والاستغلال.
– يؤكّد التزامه الدائم بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتجنّده مع باقي القوى التقدمية والمعادية للإمبريالية في تونس وفي المنطقة والعالم من أجل وضع حدّ لحرب الإبادة الوحشيّة في غزّة والضفّة ووقف العدوان الصهيو امبرايالي على لبنان وسوريا واليمن وإيران.
يسقط الانقلاب
الحرية، كل الحرية للشعب
من أجل الجمهورية الديمقراطية الشعبية
حزب العمال
تونس، في 25 جويلية 2025