في الجبهة النقابية
في الجبهة النقابية
عرفت الشهور الأخيرة من سنة 2019 دينامية نضالية مشتركة قامت بها نقابات مختلفة. لقد خاضت هذه النقابات أشكالا نضالية بتنسيق بينها خاصة في قطاع التعليم أو في بعض قطاعات الوظيفة العمومية. بينما خاضت المركزيتين الأساسيتين الاتحاد المغربي للشغل أو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كل واحدة على حدى نضالات في قطاعات لها بها وجود مهم. لم تستطع هذه المركزيتين الارتقاء بالعلاقات بينهما في هذه القطاعات إلى مستوى التنسيق وخوض النضال المشترك.
من هذه الملاحظة ينتصب أمامنا سؤال لماذا التنسيق في قطاع التعليم وغيابه في القطاع الخاص؟
قبل الجواب عن هذا السؤال لابد من تسجيل أمر أساسي وهو أن التنسيق بين النقابات ممكن وغير مستحيل، ويكفي التغلب على عوائقه أو الكوابح التي تمنعه. إذا، من الناحية الموضوعية لا يمكن الاستمرار في التذرع بأعذار تذهب إلى استحالة التنسيق النقابي وبأن شروطه الموضوعية غير متوفرة. على هذه القاعدة يمكننا تقديم الجواب عن سؤالنا السابق. لقد تحقق التنسيق في قطاع التعليم لأمرين اثنين: أولهما، انخراط القاعدة العامة لجميع النقابات الأساسية في معركة الدفاع عن الحقوق وحصول وعي متقدم بضرورة النضال. هذا ما جعل هذه القواعد تفرض إرادة النضال ثم إرادة تحقيق المطالب عبر الوحدة النضالية مع باقي القواعد المنضوية لنقابات أخرى. بفضل هذه الإرادة القوية للقواعد كان لزاما على القيادات المركزية للنقابات أن تتبنى النضال كأسلوب طرح المطالب ثم أن تنسق مع النقابات الأخرى. أما السبب الثاني فهو يتمثل في وجود نقابة الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي وهي نقابة من نوع جديد تعطي للعمل النقابي مضمونا جديدا وتوجها كفاحيا. لقد ساعد وجود هذه النقابة على إشاعة روح التنسيق مع النقابات الأخرى. ولصيانة دور هذه النقابة المكافحة يتعين على قواعدها وقيادتها التحلي بطول النفس والصبر والحكمة في العمل التنسيقي وبناء الوحدة النضالية في الميدان.
إن بناء الجبهة النقابية ممكن وكل النضالات المشتركة التي تخاض اليوم هي لبان هذه الجبهة. كما يتعين استخلاص الدروس من التجارب الفاشلة أو تلك التي وجدت كل نقابة نفسها منساقة لمبادرة منفردة. على القيادات وخاصة القواعد تطويق كل عوامل التفرقة والانفراد لأنها هي الثغرات التي تعبر منها مناورات النظام وأدواته وكذلك الباطرونا وأجهزتهم من اجل إفشال الجبهة النقابية المناضلة. ولكي تتقوى هذه الجبهة يطلب توسيع التنسيق ليشمل القطاع الخاص وتمكين الطبقة العاملة من النضال على الأوضاع المزرية والاستغلال البشع الذي تمارسه البرجوازية المفترسة الطفيلية.
يشكل النضال النقابي مجالا خصبا للعمل المشترك وهو الاسمنت المسلح الذي عليه تبنى الجبهات الاجتماعية والتنسيقات الميدانية. على المناضلين النقابيين أن يرتقوا بوعيهم وإدراكهم لهذه الحقيقة التي اشتغلت عليها البرجوازية ودولتها لتنسفها وقد حققت ما نعيشه من تشرذم وبلقنة للجبهة النقابية.